الصفحة الرئيسية
>
حــديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". رواه مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "فليقل خيرا أو ليصمت" معناه أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرا محققا يثاب عليه واجبا أو مندوبا فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين، فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرا أو غالبا. وقد قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
وقد ندب الشرع إلى الإمساك عن كثير من المباحات لئلا ينجر صاحبها إلى المحرمات أو المكروهات. وقد أخذ الإمام الشافعي رضي الله عنه معنى الحديث فقال: إذا أراد أن يتكلم فليفكر، فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أو شك فيه أمسك. وقد قال الإمام الجليل أبو محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه: جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" وقوله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له الوصية: "لا تغضب" وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" والله أعلم.
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: من عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه. وعن ذي النون رحمه الله: أصون الناس لنفسه أمسكهم للسانه، والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم:(وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) قال القاضي عياض رحمه الله: معنى الحديث أن من التزم شرائع الإسلام لزمه إكرام جاره وضيفه وبرهما، وكل ذلك تعريف بحق الجار وحث على حفظه، وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إليه في كتابه العزيز. وقال صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" والضيافة من آداب الإسلام وخلق النبيين والصالحين، وقد أوجبها الليث ليلة واحدة، واحتج بالحديث: "ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم" وبحديث عقبة: "إن نزلت بقوم فأمروا لكم بحق الضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم" وعامة الفقهاء على أنها من مكارم الأخلاق، وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: "جائزته يوم وليلة"والجائزة العطية والمنحة والصلة، وذلك لا يكون إلا مع الاختيار. والله أعلم.
المزيد |